إن مشروع مجمع عُمان الثقافي بمكوناته: المكتبة الوطنية والمسرح الوطني ومكتبة الطفل ودار الفنون ودار السينما والمنتدى الأدبي، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية تشكل لَبِنة أساسية من لَبِنات العمل الثقافي وواجهة حضارية لعُمان الإنسان والتاريخ والحضارة والثقافة، وهي عناصر وأدوات مهمة في تحقيق الكثير من الأهداف ضمن رؤية عُمان 2040، حيث أن المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية هي أحد الأولويات الوطنية التي انطلقت منها رؤية عُمان 2040.
إن هذا المشروع الضخم معنىً ومبنىً يجسد رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –أعزه الله- في ضرورة الانطلاق من ثوابت المواطنة والهُوية العُمانية الأصيلة في كل المشاريع والرؤى والأهداف التي تحقق رؤية عُمان 2040، فجلالته –أعزه الله- كان على رأس هذه الرؤية منذ بدايات التأسيس حتى الانطلاق ثم التنفيذ فالمتابعة والتقييم. كما أن جلالته –حفظه الله- كان على رأس العمل الثقافي والحضاري لسلطنة عُمان من خلال ترأس جلالته لوزارة التراث والسياحة في 14 فبراير 2002م حيث كان على مقربة من كل صغيرة وكبير من العمل الدؤوب للحافظ على تراث عُمان وحضارتها وثقافتها لمدة 18 عاماً حتى تسلمه مقاليد الحكم في البلاد في 11 يناير 2020م. وفي 16 يناير 2024م قبل أيام قلائل من وَضْع حجر أساس بناء مَجْمَع عُمان الثقافي تفضل جلالته ومنح وسام الإشادة السلطانية من الدرجة الثانية لعدد من الشخصيات العُمانية في المجال الثقافي وهذا بحق هو تكريمٌ سامٍ واحتفاءٌ سلطاني بالثقافة العُمانية وإنجازاتها، كما أن جلالته في خطابات السامية الكريمة يوجه بالاهتمام بالنشء والحفاظ على القيم والسمت العُماني الأصيل، وضرورة الارتباط بهويتنا وثقافتنا الوطنية.
إن مجمع عُمان الثقافي سيكون صرحاً ثقافياً ضخماً سيجعل من عُمان واجهة للثقافة عموماً وهي أداة من أدوات القوة الناعمة ووسيلة من وسائل الدبلوماسية الثقافية، وهذا المشروع سيحقق جملة من الأهداف على رأسها تعزيز الأنشطة والبرامج والفعاليات الثقافية وإبراز التراث الحضاري العُماني في كافة المجالات، وتكامل العمل المؤسسي في المجال الثقافي، كما أنه سيحقق جملة من الأمنيات للمثقف العُماني من خلال وجود مظلة جامعة لمرافق العمل الثقافي وبيئة محفزة وحاضنة للإبداع، كل ذلك سيحقق الهدف الأسمى من هذا المشروع وهو حفظ الذاكرة العُمانية وتعزيز قيم المواطنة والهوية الوطنية، وخلق جيل واع ومعتز ومقدر لكل مفردات ثقافته وحضارته.
وفي هذا المقام يتوجه المثقفون بتقديم الشكر الجزيل والعرفان العظيم لرجل الثقافة الأول ومجدد نهضة عُمان وحامي ثقافتها وتاريخها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ومتَّعه بموفور الصحة والعافية لقيادة عُمان نحو درجات المجد السامقة.
وقد أعدت رؤية عُمان 2040 من خلال مشاركة مجتمعية واسعة، ترسيخاً وتعزيزاً لدور المجتمع بمختلف فئاته في بناء المستقبل، حيث شارك المواطنون من كافة أنحاء عُمان بآرائهم وتطلعاتهم عبر مراحل مختلفة من إعداد الرؤية والتي تضمنت مشاركة واسعة من مختلف القطاعات والفعاليات وشرائح المجتمع، تمثلت في القطاعين الحكومي والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والمجالس البلدية، والمؤسسات والهيئات الأكاديمية، وقطاعات أخرى مثل المرأة، والشباب، والإعلاميين، وذوي الاحتياجات الخاصة، وطلاب الجامعات والمدارس، إضافة إلى مجموعة من المقيمين.
ويمكن تتبع التسلسل الزمني لرؤية عُمان 2040، عبر المراحل الزمنية التالية:2013م: التوجيهات السامية وتشكيل اللجنة الرئيسية.2015-2016م: أعمال لجنة الأولويات الوطنية ومواءمة الاستراتيجيات.يناير 2017م: اعتماد محاور وركائز الرؤية.مارس 2017م: تشكيل اللجان وفرق العمل.أكتوبر 2017م: تشخيص الوضع الراهن.ديسمبر 2017م: استشراف المستقبل والسيناريوهات المستقبلية.مارس 2018م: تحديد التوجهات والأهداف الاستراتيجية.يوليو 2018م: المبادرات الاتصالية.ديسمبر 2018م: تحديد المؤشرات والمستهدفات.يناير 2019م: إعداد وثيقة الرؤية الأولية - المؤتمر الوطني.2020م: إعداد الوثيقة النهائية للرؤية.أغسطس 2020م: إنشاء وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040ديسمبر 2020م: إطلاق وثيقة الرؤية.
تتضمن الرؤية أربعة محاور رئيسية تنبثق من كل محور عدد من الأولويات الوطنية:أولاً: محور الإنسان والمجتمع: وأولوياته:1. التعليم والتعلم والبحث العلمي والقدرات الوطنية.2. الصحة.3. المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية.4. الرفاه والحماية الاجتماعية.ثانياً: محور الاقتصاد والتنمية: وأولوياته:1. القيادة والإدارة الاقتصادية.2. التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية.3. سوق العمل والتشغيل.4. القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي.5. تنمية المحافظات والمدن المستدامة.ثالثاً: محور الحوكمة والأداء المؤسسي: وأولوياته:1. التشريع والقضاء والرقابة.2. حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع.رابعاً: محور البيئة المستدامة: وأولوياته:1. البيئة والموارد الطبيعية.
جاء في كلمة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق –حفظه الله ورعاه- في وثيقة الرؤية:"إن جميع الذين حظوا بشرف المسؤولية لإعداد الرؤية المستقبلية "عُمان 2040 "، ماضون وأيديهم بأيدي الجميع للعمل على ترجمة توجهاتها وأهدافها، وصولاً لمستقبل يقوده الطموح، ويشارك فيه الجميع، من أجل كل ذلك نمد الخطى، ونسارع الزمن، ونتقدم بثقة نحو غد يمتلئ تفاؤلاً لهذا الوطن الغالي على نفوسنا جميعاً".
وتبحر الموسوعة عبر الزمن لتتعرف على تفاصيل «عُمان» منذ أول إنسان خطا على قدمين على أرضها واستخدم أدواته الحجرية، إضافة إلى المزارعين، والرعاة الذين طوروا العالم من حولهم ومن أنفسهم فكونوا المدن الحديثة كما يقول البروفيسور جيفري روز في تقديمه للموسوعة. وتعتمد الموسوعة خلال جميع فصولها على الآثار، بعيدا عن الافتراضات الإنشائية، ولكنها تضع الحقائق التي اكتشفها علماء الآثار والتنقيب والجينات الذين لعبوا دورا كبيرا في اكتشاف عُمان عبر الزمان. وبهذا المعنى فإن هذه الموسوعة عبارة عن رحلة مثيرة وممتعة عبر الزمن تقدم عُمان في سياقها التاريخي.
يسلط المجلد الأول الضوء على عُمان في فترة «ما قبل التاريخ» ويتضمن هذا المجلد فصلا تمهيديا بعنوان «كينونة عُمان» تطرح فيه مباحث تناقش السكان الأوائل في بلاد العرب مثل منطقة الأحقاف وأرض قوم عاد، ووبار في أرض الأحقاف. كما تناقش المباحث الدلائل الأثرية. كما يناقش هذا المجلد من الموسوعة التنظيمات الاجتماعية في عُمان خلال عصور ما قبل التاريخ، من خلال الصفات العامة لمجتمع العصر الحجري القديم والاستيطان على الساحل العُماني. وتبحث الموسوعة في مجلدها الأول عصور ما قبل التاريخ خلال الفترة الزمنية من مليوني سنة قبل الميلاد إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وفيها بدأ الاستيطان في عُمان. ويناقش المجلد الحياة الفكرية في عُمان في تلك المرحلة من خلال بحث المعتقدات الدينية عبر المدافن وطقوس الدفن والمواد الجنائزية. كما يستقرئ المجلد الأول الحياة الفكرية عبر الرسومات الصخرية الموجودة في كل محافظات السلطنة اليوم.
أما المجلد الثاني من الموسوعة فقد خصص لدراسة مرحلة عُمان خلال الفترة الزمنية من 3000 سنة قبل الميلاد إلى 1300 سنة قبل الميلاد، وتبدأ هذه المرحلة بالعصر البرونزي كما يعرفه علماء الدراسات والآثار. حيث يبحث هذا المجلد في اسم مجان، ونظامها السياسي، وعلاقاتها مع حضارات العالم القديم، والنظام السياسي والتحالفي والتجانس الحضاري الذي عاشته حضارة مجان. كما يناقش هذا المجلد فكرة التحولات التي حدثت في عُمان خلال فترة الألف الثاني قبل الميلاد. ويناقش هذا المجلد من الموسوعة مستوطنات العصر البرونزي في عُمان والعوامل الجغرافية والبشرية وأثرها على التمركز السكاني، ونظام العمارة، كما يناقش الحياة الاقتصادية من خلال بحث أساليب الزراعة ومنشآت الري والتجارة والملاحة والحرف المنزلية. كذلك يبحث المعتقدات الدينية لهذه المرحلة.أما المجلد الثالث من الموسوعة فيتناول عُمان خلال الحقبة الزمنية من 1300 سنة قبل الميلاد إلى سنة 525 ميلادية. ويتناول هذا الفصل الأسماء التي أطلقت على عُمان خلال حقب التاريخ، كما يتناول المواقع الأثرية في عُمان، والعمارة المدنية والدفاعية في عُمان. وهذا فصل مهم نظرا للتقدم الكبير الذي شهدته العمارة العُمانية خلال مختلف العصور التاريخية. كما يتناول هذا المجلد من الموسوعة، أيضا، الزراعة ومنشآت الري خاصة نظام الأفلاج. ويعالج المجلد التجارة والملاحة البحرية خلال الحقبة الزمنية التي يتناولها المجلد.
ويتناول المجلد الرابع من الموسوعة الحقبة الزمنية من سنة 627 ميلادية وإلى عام 1970 من خلال استقراء مرحلة دخول الإسلام إلى عُمان، وعُمان خلال الدولة الإسلامية الأولى في عهد الخلفاء الراشدين ثم دولة بني أمية وما صاحب ذلك في عُمان من حياة فكرية والاجتماعية واقتصادية والعملات النقدية التي سكت في عُمان خلال هذه المرحلة. والجوانب العمرانية التي تطورت وتأثرت بالتعاليم الإسلامية. ثم يتناول المجلد موضوع الدولة في الفكر الإباضي. كما يتناول عصر النباهنة ونفوذهم في شرق أفريقيا والحياة العلمية والأدبية في عهدهم. فيما يتناول الفصل الثالث من هذا المجلد موضوع عُمان الوحدة والنفوذ من خلال الوحدة الوطنية التي حصلت في عُمان مع بداية دولة اليعاربة وجهودهم في طرد البرتغاليين وتحرير ممباسا وتطوير الأسطول البحري العُماني. ثم يتناول المجلد قيام دولة البوسعيديين ويدرس هذا الفصل الجهود الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية خلال هذه الدولة.
أما المجلد الخامس من الموسوعة فيتناول عصر النهضة العُمانية المعاصرة والتي تمتد على مدى نصف قرن من سنة 1970 وإلى يناير من عام 2020 لحظة رحيل جلالة السلطان قابـوس بن سعيد بن تيمور طـيب الله ثراه. ويبدأ هذا المجلد بتمهيد عن عُمان قبل عام 1970 ثم فترة حكم السلطان سعيد بن تيمور. ويتناول هذا المجلد تفاصيل قيام النهضة العُمانية الحديثة التي أرساها السلطان الراحل عبر فصول «الدولة العصرية» و«سياج الأمن وحماة الوطن» و«تنمية الإنسان والمجتمع» و«البنية الأساسية دعامة التطور والتنمية» و«العدل والسلطة القضائية» و«نظم اقتصادية حديثة» ثم يختتم المجلد والموسوعة فصولها بفصل «وفاة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور» ويستعرض هذا الفصل الأيام الأكثر حزنا في تاريخ عُمان منذ البيان الذي نعى فيه ديوان البلاط السلطاني فقيد الوطن والأمة إلى قسم اليمين الذي أداه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، سلطانا على عُمان.
وتم نشر هذا المرسوم في عدد الجريدة الرسمية رقم (587) الصادر في 16 نوفمبر 1996م.
ورُسِمت رؤية متحف عُمان عبر الزمان ليكون وجهةً عالمية المستوى، من شأنها أن تسهم في نشر الوعي، وتوطّد علاقة الشباب العُماني بالإرث الثقافي الغنيّ لبلدهم، وتحثهم على التفاعل معه بشكل يلهمهم للإسهام بفاعلية في بناء وطنهم، ورسم معالمه. كما يسعى المتحف إلى تسليط الضوء على الطابع الفريد لسلطنة عُمان، والتعريف بمميزاتها وتاريخها العريق، ونهضتها التي ما زالت تدفع بها للمُضي قدمًا على المستويين المحلي والدولي. واستنبطت فكرة تصميم المتحف من شكل الجبال العُمانية وسلسلة الحجر، ويبدأ التصميم من الأرض ممتدًّا إلى الأعلى في تصميم فريد من نوعه يعكس البيئة العُمانية، كما روعي في المشروع ارتباطه بالبيئة العُمانية من خلال الأحجار المستخدمة في بنائه، والأشجار.
تنقل قاعات المتحف الزائر في رحلةٍ سرديةٍ عبر الزمن تبدأ من أواخر عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا الحاضر، وتنقسم قاعات العرض الدائمة إلى قاعتين هما: قاعة التاريخ وقاعة عصر النهضة. حيث تتناول قاعة التاريخ عدة عصور وحقب تاريخية وهي: التكون الجيولوجي لأرض عُمان، والعصر الحجري المتمثل في جناح المستوطنين الأوائل، والعصر البرونزي المتمثل في جناح حضارة مجان، والعصر الحديدي المتمثل في جناح مملكة عُمان، بالإضافة إلى أجنحة اعتناق الإسلام، ودولة اليعاربة ودولة البوسعيديين. وترتكز وسائل العرض المتحفي في هذه القاعة على الوسائط الرقمية لخلق بيئات افتراضية متعددة الأبعاد لتمكن الزائر من معايشة الواقع الافتراضي لكل عصر، إضافة إلى مجموعة منتقاة من الشواهد المادية والخرائط لإضفاء حالة من الواقعية، فتحتوي أجنحة العصور على عدد من المقتنيات والمواد المرئية التي تتحدث عن عدد من الموضوعات والمواقع الأثرية، مثل مستوطنات رأس الحمراء ورأس الجنز ومظاهر الحياة اليومية آنذاك، وما يتصل بالهجرات الموسمية، والتواصل البحري، وتجارة النحاس، وبناء منظومة الأفلاج. كما تحتوي على بيئة افتراضية فائقة الدقة تتحدث عن إسهام أهل عُمان في الإسلام، ومناحي الحياة الفكرية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية المرتبطة بذلك، والإسهام العلمي للعلماء العُمانيين.
في حين تم تصميم قاعة عصر النهضة على شكل فضاء مفتوح، تتوسطه مجموعة من الأعمدة المهيبة التي تشكل فضاءً تفاعليًّا لمنظومة العرض الصوتي والمرئي فائقة الدقة تتناول الأعوام الخمسة الأولى من عمر النهضة المباركة، لتتيح مشهدًا بانوراميًّا للقاعة، وتمثل القاعة المباركة ذروة تجربة الزائر للمتحف ومحوره الأساسي، وتستعرض جوانب التطور، والازدهار، والنماء في سلطنة عُمان، وما شهدته من تحول اجتماعي واقتصادي وصناعي وسياسي ملحوظ، جنبًا إلى جنب مع المحافظة على مكنونات هويتها الأصيلة وتقاليدها الثقافية العريقة. وتحتوي القاعة على وسائل متحفية رقمية تفاعلية تستعرض الخطابات السامية لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم / حفظه الله ورعاه / والخطابات السامية للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد ــــ طيّب الله ثراه ـــــ، إضافة إلى مرتكزات النهضة المباركة كالتعليم، والرعاية الصحية، والبنية الأساسية، والعلاقات الخارجية، والسياحة، والاقتصاد، وغيرها من الموضوعات.
يحتوي المتحف كذلك على مركز المعرفة الذي ينقسم إلى ثلاثة طوابق، حيث يضم الطابق الأرضي معملين وقاعة كبيرة للمحاضرات، وزود أحد الفصول بالأدوات والكتب المناسبة ليكون مُخصصًا للأطفال، إضافةً لمعمل الابتكار ومعمل الأفكار المخصصين في حين يضم الطابقان الأول والثاني مكتبة حصن الشموخ التي تم نقلها من حصن الشموخ العامر إلى متحف عُمان عبر الزمان، وتحتوي المكتبة على أكثر من 46 ألف عنوان في شتى بحور العلم والمعرفة، وهي مزودة بأجهزة تتيح للباحثين الوصول إلى مبتغاهم من العناوين والمراجع سواء الورقية منها أو الإلكترونية.
كما يضم المتحف أيضاً حديقة يمكن للزائر الاستمتاع بوقته فيها، وتقع في الجانب الخلفي من المتحف، وتحوي أشجارًا تتناسب مع البيئة العُمانية وذلك بالاستفادة من المختصين في حديقة النباتات العُمانية، ومن أهم الأشجار الموجودة بها شجرة اللبان وأشجار النخيل، كما تتضمن الحديقة فلجًا يمتد لمسافة كيلو متر، ويمتاز بنظام «غرّاق فلاح» المستخدم في الأفلاج العُمانية. وتحتوي الحديقة على صخرة من النوع الجيري تعود لوادي لحجيج في محافظة ظفار، ويبلغ وزنها 75 طنًّا، وبها مجموعة من الرسومات، كما تضم بعض الحروف الأبجدية وأشكالًا وخطوطًا دائرية وأشكالًا للأجرام السماوية إضافة لرسم شكل الشمس.
وبالعودة إلى كتاب "مصلح على العرش: قابوس بن سعيد سلطان عُمان" فهذا الكتاب يتضمن محتوى أشبه بسيرة غيرية للسلطان قابوس عبر عناوين متنوعة: خريف القلق، الانطباعات الأولية، مركزية عُمان القديمة، عُمان وانتشار الإسلام، التدخل الغربي، ميلاد السلالة، المحافظة على التوازن، كل ثروات الأرض، بعيدا عن الوطن، آثار السنين، الفجر الجديد، معركة كسب القلوب، أسرة الشعوب، النهضة، من أجل المستقبل، الأوركسترا وقائدها. كما يضم الكتاب بين دفتيه الكثير من الصور المتنوعة الثمينة التي تقدم للقارئ تتبعاً زمنياً للمراحل العمرية للسلطان قابوس، وتؤرخ لأحداث متنوعة من سيرته وعهده.
يقول المؤلف سرجي بليخانوف في مقدمة الكتاب: "كتابي عن السلطان قابوس بن سعيد المعظم ثمرة سنوات طويلة من التأملات العميقة في الظواهر التي ترتكز عليها أًسس حياة العالم المعاصر. فعلى مدار القرن العشرين تعرضت شعوب جميع القارات لهزات وكوارث وحروب لم تترك من مثاليات القرن التاسع عشر حجراً على حجر. ولقيت النظريات الثورية على اختلافها انتشاراً منقطع النظير سرعان ما انحسر مخلفاً المرارة وخيبة الأمل والفراغ. وبعد أن أنشأت الإمبراطوريات العملاقة قدرات اقتصادية وعسكرية وتقنية لم يرى التاريخ لها مثيلاً انهارت متفتتة يتآكلها الخواء الفكري والبؤس الروحي. ووسط دخان أنقاض القرن العشرين التفت الناس المرة بعد المرة إلى الماضي باحثين فيه عن نماذج البناء الرشيد العادل لحياة الفرد والمجتمع". ويضيف: "في هذا الكتاب أُركز على جمالية المؤسسات العُمانية التي صمدت لامتحان الزمن وعلى أصالة التقاليد الحضارية والثقافية المرتبطة بها فهذا الجمال وتلك الأصالة، إضافة إلى الميول السياسية، من أهم العناصر المشجعة التي حفزتني على التعمق في تحليل التجربة العُمانية الفريدة وتأويل خبرة السلطنة العصرية القيمة التي قدمت أكثر من دليل على حيويتها ومرونتها. وإلى ذلك ساعدتني المقابلات مع أبرز الشخصيات السياسية في عُمان واللقاءات مع مثقفيها ومع عامة الناس على تكوين فكرة عامة مجسمة عن البلاد وقائدها".
ومن الفصل الأخير في الكتاب بعنوان "الأوركسترا وقائدها" يقول المؤلف: "كثيراً ما يبدأ السلطان قابوس خطبه بتعابير شعبنا العزيز، وشعبي العزيز. وهي ليست مفردات رسمية تقال، وإنما انعكاس لشعور عميق واعتقاد راسخ. فالسلطان يمثل أرفع نموذج للترابط الإنساني العميق في المجتمع العُماني، وهو ترابط أشبه بالعلاقة في العائلة الكبيرة المتحابة المتوائمة. في مقابلة مع الصحفية البريطانية فيرونكا قال السلطان قابوس إنني أشعر بالمسئولية تجاه شعبي كله. فالحاكم يجب أن يعتبر نفسه أبا للشعب بأسره. والحاكم هو المرآة تعكس اعتقاد الشعب بأجمعه وتاريخه وحضارته. والشعب يتحسس طبيعته الجماعية بأفضل صورة من خلال الحاكم. وعلى الحاكم أن يفهم الشعب دوما ويعرف احتياجاته، ويعمل لصالحه قبل أن يطلب الشعب منه ذلك".
ومن النقاط التي تستوقف قارئ الكتاب ما يشير إليه بليخانوف عن المصالحة التاريخية بين السلطان قابوس ووالده سعيد بقوله: "وأعتقد أنه في قرارة نفسه كان يفتخر بابنه. والحقيقة أن الأمر هو كذلك فعلا. فقد بعث سعيد بن تيمور إلى ابنه من لندن رسائل مفعمة بالرقة والمودة. والدليل على المصالحة التاريخية بين الأب وابنه هو مسجد سعيد بن تيمور الرائع في حي الخوير بمسقط الذي شُيِّد بأمر السلطان قابوس".
وهناك الكثير من المواقف والمحطات والدروس التي يستخلصها القارئ من كتاب (مصلح على العرش: قابوس بن سعيد سلطان عُمان)، رحم الله باني نهضة عُمان الحديثة وأسكنه فسيح جناته.
السيد حمد بن حمود بن حمد بن هلال بن محمد ابن الامام أحمد بن سعيد البوسعيدي هو سكرتير السلطان سعيد بن تيمور الذي أصبح أول وزير لشؤون الديوان السلطاني في عهد السلطان قابوس بن سعيد، وأصبح لاحقاً مستشاراً خاصاً لجلالة السلطان. عاصر السيد حمد بن حمود ثلاثة سلاطين من الأسرة البوسعيدية؛ السلطان تيمور بن فيصل والسلطان سعيد بن تيمور وجلالة السلطان قابوس بن سعيد.
وُلد السيد حمد بن حمود البوسعيدي في مدينة صور في عام 1920م عندما كان والده السيد حمود بن حمد والياً عليها في عهد السلطان تيمور بن فيصل بن تركي. كان السيد حمد الأصغر بين خمسة أبناء وبنات هم: (نصر وخولة وثريا وميرا). والده السيد حمود بن حمد بن هلال بن محمد بن أحمد بن سعيد البوسعيدي، حيث يعود نسب السيد حمد إلى الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي مؤسس الدولة البوسعيدية من جهة جده السيد محمد أصغر أبناء الإمام. والدته السيدة جوخة بنت أحمد بن بدر بن حامد بن سعيد ابن الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي. توفي والده السيد حمود وهو في عمر الطفولة، وتولى رعايته أخاه الأكبر السيد نصر بن حمود بن حمد البوسعيدي. عاش طفولته في ولاية قريات في كنف أخيه السيد نصر الذي كان والياً عليها وتعلم هناك مبادئ القراءة والكتابة والقرآن الكريم. التقى السلطان تيمور بن فيصل بن تركي في مسقط لأكثر من مرة، كما التقى السلطان سعيد بن تيمور بعد توليه مقاليد الحكم لعدة مرات وذلك عندما كان أخاه نصر يصحبه معه إلى مسقط للقاء السلطان.
التحق السيد حمد بن حمود بالعمل الحكومي في عام 1936م وهو في سن السادسة عشر من عمره عندما عينه السلطان سعيد بن تيمور كاتباً بمكتب سكرتير السلطان. عمل بمكتب السلطان سعيد في قصر العلم بمسقط في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي كمساعد لمحمد علي الجمالي سكرتير السلطان وسافر مع السلطان سعيد إلى الهند وإلى نزوى إبان حرب البريمي. بعثه السلطان سعيد في مهام عديدة في داخل عُمان وولاياتها الساحلية ومن ثم استقر معه في صلالة وتولى منصب سكرتير السلطان.
أُعتُبر السيد حمد من أفراد الدائرة الضيقة المُقرّبة من السّلطان سعيد بن تيمور وكان بمثابة همزة الوصل بين السلطان وشيوخ القبائل والتجار والأعيان. شارك مع الأستاذ حفيظ بن سالم الغساني في تأسيس وإدارة إذاعة الحصن في صلالة وهي أول إذاعة في عُمان في ستينيات القرن الماضي.
أقام السيد حمد بن حمود هو وعائلته في حرم قصر الحصن في صلالة حتى تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه- مقاليد الحكم في عُمان في 23 يوليو 1970م. وتقديراً لإخلاص السيد حمد بن حمود وتفانيه في العمل اصطحبه السلطان قابوس معه في الطائرة في أول رحلة له من صلالة إلى مسقط بعد توليه الحُكم وعيّنه سكرتيراً للديوان السلطاني. بعدها عينه السلطان قابوس رئيساً للديوان السلطاني بموجب مرسوم سلطاني في 15 يناير 1973م ومن ثم وزيراً لشؤون الديوان السلطاني. وأثناء توليّه منصب وزير شؤون الديوان السلطاني كانت تقع تحت مسؤوليات السيد حمد بن حمود العديد من المهام الجسيمة جعلته واحداً من أهم أركان الدولة العُمانية في بداية نهضتها الحديثة. حيث تولى بالإضافة إلى منصبه كوزير للديوان مسؤولية سكرتير مجلس الوزراء ومن ثم الإشراف على سكرتارية مجلس الوزراء (الأمانة العامة لمجلس الوزراء حالياً) وترأُس جلسات مجلس الوزراء الموقر في الجلسات التي لا يترأسها جلالة السلطان، إضافة إلى ترأسه لمجلس الخدمة المدنية ومسؤولية ديوان شؤون الموظفين ( ما عُرف بوزارة الخدمة المدنية لاحقاً) واللجنة العليا للتظلمات (وهي المحكمة العليا حالياً) والإشراف على معهد الادارة العامة، وديوان التشريع (وهو ما أصبح وزارة الشؤون القانونية لاحقاً) والإشراف على شؤون القبائل (المناطة بوزارة الداخلية حالياً).
ظل السيد حمد بن حمود على رأس الديوان السلطاني لمدة خمسة عشر عاماً. وفي 14 أكتوبر من عام 1986م صدر مرسومٌ سلطاني بتعيينه مستشارا خاصا لجلالة السلطان مع إلغاء وزارة شؤون الديوان السلطاني ودمج اختصاصاتها مع ديوان البلاط السلطاني. استمر السيد حمد بن حمود البوسعيدي في منصب المستشار الخاص لجلالة السلطان حتى وفاته. وقد رافق السيد حمد السلطان قابوس بن سعيد في جميع جولاته السنوية داخل سلطنة عُمان وفي بعضٍ من زيارات جلالته الخارجية. كما ابتعثه السلطان قابوس في عدة مهامٍ خارجية للقاء ملوك وأُمراء ورؤساء دول الخليج. عُرف عنه تمتعه برحابة صدر كبيرة وقدرة على الإقناع والتواصل المجتمعي مع القبائل ومع فئات المجتمع المختلفة وحنكة في إدارة شؤون الدولة وحل المشكلات. كما كان مُحباً للشعر والأدب والفنون وكان يُجالس المُثقفين ويحفظ الكثير من الشعر العربي القديم.
تقلّد السيد حمد بن حمود العديد من الأوسمة من السلطان قابوس منها وسام نهضة عُمان ووسام النهضة الأعظم كما تقلد أوسمة من كل من الملك حسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر. توفي السيد حمد بن حمود في مسقط في 7 شعبان 1423هـ/ 14 أكتوبر 2002م عن عمر ناهز 83 عاماً، وخلّف ثمانية من الأبناء: أربعة ذكور وأربعة إناث؛ أكبرهم السيد سامي بن حمد بن حمود رحمه الله.
ومن الأدوار الرئيسية والأحداث المهمة التي كان للسيد محمد بن أحمد الغشَّام دور فيها اتفاقية السيب، حيث أنه ناب عن السلطان تيمور في توقيع اتفاقية السيب مع ممثل الإمام محمد بن عبد الله الخليلي. ففي إحدى نسخ اتفاقية السيب يوجد توقيع السيد محمد بن أحمد الغشَّام. كانت وفاة السيد محمد بن أحمد الغشَّام البوسعيدي في عام 1929م.
ومن البيوت الأثرية التي تلتصق بهذه الشخصية المهمة "بيت الغشَّام"، حيث يعد بيت الغشَّام الأثري أحد المعالم الأثرية بولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة. يقع هذا البيت ببلدة أفي وهو منزل السيد محمد بن أحمد بن ناصر الغشَّام البوسعيدي، وسُمّي البيت بالغشَّام نسبة إلى صاحبه السيد محمد الذي كان يُعرف بهذا اللقب، وقد كان يسكن هو وعائلته في هذا المنزل. ثم صار البيت للسيد أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي والد المرداس بن احمد وقد كان سكنه الدائم. بحسب ما جاء في حديث مدير المتحف سعيد النعماني. وأضاف بأن سكنه أيضاً صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور وصاحب السمو السيد طلال بن طارق بن تيمور وأسرتهم، وذلك عندما كانوا يأتون لقضاء الإجازة مع جدهم السيد أحمد بن هلال، ثم صار البيت ملكاً للسيد المرداس بن أحمد البوسعيدي، ثم اشتراه السيد علي بن حمود بن علي البوسعيدي بهدف ترميمه وتحويله إلى متحف.وبحسب المصادر التاريخية وبناء على التنقيبات الأثرية وتتبع المكونات الرئيسية بالبيت والبحث والتحري في النقوشات والشواهد الموجودة بالكتابات الجدارية والنقوش على النوافذ والأبواب، فإن فترة بنائه ترجع إلى عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي - أي أن عمر البيت يتجاوز 200 عام تقريبا-. والبيت مصمم على الطراز والفن المعماري العُماني ويحوي العديد من الغرف بالإضافة إلى الصباح والسبلة وبعض الغرف المحصنة، بالإضافة إلى أبراج المراقبة والحوش الكبير والبئر وأماكن تخزين التمور. ويضم المتحف مرافق أخرى وهي: مكتبة الغشَّام والمسرح المفتوح وقاعة المحاضرات والتدريب.
كان من أبرز الأسباب المحرضة على قيام الثورة اعتراف السلطان خليفة بحق الألمان في إدارة المنطقة الممتدة من أومبا إلى رفوما، وموافقته على تأجير الشريط الساحلي لهم. فاعترض الأهالي على هذا الأمر، وهددوا بالخروج عن طاعة السلطان، ووافقهم الشيخ بشير بن سالم الحارثي الذي رأى أنه لا يحق للسلطان خليفة الموافقة على نقل السيادة على الساحل للألمان، وفرض رسوم جمركية باهظة على الصادرات، وإدخال قوانين ونظم تجارية جديدة لم يألفها السكان. في 16 أغسطس 1888م أقام الألمان احتفالا في بلدة باغامويوا بمناسبة موافقة السلطان خليفة على نقل السلطة على الساحل لهم، وقاموا بإنزال العلم السلطاني من دار الوالي، ورفع العلم الخاص بمستعمرة شرق إفريقيا الألمانية، بينما كان الاتفاق ينص على رفع علم السلطان، مما أدى إلى غضب السلطان واحتجاج رجال السلطة العرب الموجودين في الاحتفال والسكان من عرب وأفارقة.
ولفهم ما حدث فعلياً نعود لتوضيح اتفاقية تأجير البر الأفريقي، حيث تمكن الألمان بعد شهرين من تولي السلطان خليفة مقاليد الحكم في زنجبار –وبأسلوب الضغط- من إنهاء المفاوضات معه، ونص الاتفاق على منح شركة إفريقيا الشرقية الألمانية الشريط الساحلي الممتد من أومبا إلى روفوما، والمعروفة تاريخياً باتفاقية تأجير البر الأفريقي، وتم توقيعها في 16 شعبان 1305هـ/ 28 أبريل 1888م، وتتضمن الاتفاقية أربعة عشر بنداً بحسب الرصيد الوثائقي للسلطان خليفة بن سعيد البوسعيدي، هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. وفي 16 من أغسطس 1888م، تم نقل السلطة رسمياً إلى الشركة.
كانت الاتفاقية مع الشركة الألمانية تنص على أن تدير الشركة المنطقة الساحلية من أومبا إلى روفوما نيابة عن السلطان خليفة وتحت اسمه، وأن يظل علمه مرفوعاً مع الاعتراف بكامل حقوق زنجبار السيادية. لكن ما إن تسلمت الشركة المنطقة حتى تنكرت لعهودها فأنزلت العلم السلطاني ورفعت علمها مكانه وطالبت السكان بتسجيل الأراضي واستفز موظفوها السكان مما أدى إلى ظهور حركة المقاومة بقيادة الشيخ بشير بن سالم الحارثي. واتهم الألمان السلطان خليفة بالتحريض على الثورة ودعمها بالمؤن والسلاح، فأقنعوا البريطانيين بمشاركتهم في فرض الحصار على ساحل زنجبار منعاً لوصول السلاح للثوار.
وبسبب هذه الثورة انتقلت إدارة المستعمرة الألمانية في شرق أفريقيا من شركة شرق أفريقيا الألمانية إلى الرايخ الألماني (البرلمان)، وطلبت الشركة من الحكومة الألمانية المساعدة في القضاء على هذه الثورة وهو ما يفسر تدخل المستشار الألماني بسمار لمحاولة تهدئة الأوضاع مع السلطان خليفة بن سعيد، وهو ما توثقه رسالة مؤرخة في 10/3/1307هـ- 3/11/1889م إلى السلطان خليفة بن سعيد يبلغه فيها رغبة الامبراطور الألماني في استقرار الأوضاع في منطقة البر الأفريقي طالباً مساعدته في تحقيق ذلك، كما يبلغه الموافقة على طلب جلالته في خفض ضريبة العشور التي تأخذها الشركة الألمانية. كما أرسل بسمارك المستشار الألماني إلى السلطان خليفة يبلغه رفضه للفعل الذي قامت به الشركة برفع علمها إلى جانب علم جلالته، كما يوضح له أنه سينظر إلى الشكاوى المرفوعة ضد الشركة الألمانية الأفريقية بخصوص الضرائب بالرجوع إلى الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، وأخيراً يؤكد على حرص الامبراطور ولهلم على علاقات الود والصداقة بين البلدين.
عموماً استغلت ألمانيا إمكانياتها العسكرية والضوء الأخضر من الإنجليز، وتمكنت بعد جهد جهيد من القضاء على ثورة الشيخ بشير بن سالم الحارثي والقبض عليه وإعدامه بتاريخ 15 ديسمبر 1889م.
ويذكر المغيري في كتابه جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار عن هذه الثورة، أن السلطان خليفة بن سعيد كان مع ثورة الشيخ بشير الحارثي، فيقول: "وكان يمده (يعني السلطان خليفة) بالآلات الحربية والمأكولات حتى يتقوى على مقاومتهم، لأن هذا السيد كان أشد السادة المتقدمين بغضا للأوربيين وعداوتهم، حتى قيل إنه يحجر على النصارى المبيت في بلدة زنجبار ولا رخصة لهم أن يبقوا بها بعد غروب الشمس".
تسلم السلطان قابوس مقاليد حكم سلطنة عُمان في 20 جمادى الأولى 1390هـ/ 23 يوليو 1970، وسُمي هذا اليوم بيوم النهضة المباركة، وامتدت فترة حكم السلطان قابوس 50 عاماً حتى وفاته 14 جمادى الأولى 1441هـ/ 10 يناير 2020م. تتلخّص أهم إنجازات السلطان قابوس في أنه أسس حكومة على النظام الديمقراطي، فبدأ بتكوين سُلطة تنفيذية مؤلفة من جهاز إداري يشمل مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، إضافة إلى الدوائر الإدارية والفنية والمجالس المتخصصة ومن أولى الوزارات التي أسَّسها السلطان قابوس بعد توليه مقاليد الحكم مباشرة وزارة الخارجية. فقد أسسها بعد فترة قصيرة من توليه الحكم في 23 يوليو 1970م محققاً بذلك روابط وصلات بالعالم الخارجي مبنية على أسس مدروسة وبعد عام واحد من توليه عام انضمت عُمان إلى جامعة الدول العربية في 29 سبتمبر 1971م.
كان السلطان قابوس –طيب الله ثراه- حريصاً على التراث والتاريخ العُماني كأساس لنهضة عُمان المباركة، وهذا الحرص ظهرً جلياً في خطاباته السامية وخطواته في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونقتبس بعضاً مما جاء في خطابه السامي:"وفي الوقت الذي نحرص فيه على ترسيخ مفهوم عام وشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يتوجب علينا جميعاً أن نضع نصب أعيننا باستمرار أن التطور الذ نسعى إليه وننشده في جميع المجالات، يجب أن يقوم في جوهره على أساس قوي من تراثنا العريق، ووفقاً لتقاليدنا وعاداتنا الموروثة المتوائمة مع واقع الحياة والظروف الموضوعية التي نعيشها، حتى يكون للتطوير مردوده الطيب لخير هذا الجيل والأجيال المتعاقبة".
ونقترب قليلاً من مسقط رأس الإمام أحمد بن سعيد والأسرة البوسعيدية، حيث تقع أدم في الجانب الجنوبي من محافظة الداخلية، تحدها من الشمال ولايتا منح وبهلاء، ومن الجنوب ولايتا محوت وهيما بمحافظة الوسطى، ومن الغرب ولاية عبري بمحافظة الظاهرة. وتبعد عن محافظة مسقط حوالي 223 كم، واتخذت من جامع أدم ونخلة الفرض شعاراً لها. وبحسب موسوعة أرض عُمان، أدم: الأَدَم بفتحتين جمع أديم، وقد يجمع على أدِمَة، وربما سمي وجه الأرض أديما. والأدَمة: باطن الجلد الذي يلي اللحم والبشرة ظاهرها. والأُدْمَة: السمرة والأدم من الناس الأسمر والأدم من الإبل الشديد البياض. والشائع في سبب تسمية أدم بهذا الاسم أنه مأخوذ من الأدمة، وهي التربة الخصبة، وكانت أدم سوقا من أسواق العرب في الجاهلية، أو نسبة إلى أديم الأرض بمعنى وجه لأرض، وفي هذا دلالة على قدم البلد وعراقته. وقد أطلقت كلمة "أَدام" بفتح الهمزة على واد بتهامة وبئر بها، كما سمي أحد أودية مكة "أُدام" بضم الهمزة. وقال عنها الجغرافي ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان: "أدم بفتح أوله وثانيه من نواحي عُمان الشمالية" كانت أدم مركزا لالتقاء القوافل التجارية الآتية من الشام وبالعكس في الجاهلية. وتذكر المصادر أن حارة بني شيبان كانت مركزاً لهؤلاء التجار ويعزز ذلك العثور على آثار أثناء إعادة ترميم أحد المساجد بالقرب من المنطقة مثل السيوف والجحال والخروس يعود تاريخها إلى زمن اليعاربة.
من الحارات القديمة التي توجد بأدم: حَارة بَنِي شَيبَانْ: حَيث تُعدّ هَذه الحَارة أقدم حَارات الوِلايَة وَأعرَقُها، كَما أَن بِهذه الحَارة سُوقْ قَدِيمْ شَامخ كَأنت تَمرّ بِه قَوافِل رِحلَة الشّتاء وَالصّيفْ. وحَارة البُوسعِيدْ: مِن الحارَات العريقة فِي الوِلاية الّتي وُلِدَ فِيها مُؤسس دَولَة البُوسعيدْ. وحارة المجابرة: وهي من أعرق حارات الولاية ويقف (برج المجابرة) شامخا فيها وقد تم بناؤه في القرن الثامن عشر الميلادي. وحارة مبيرز: من أقدم الحارات واكثرها جمالا معماريا ويسبقها مسجد الرحبة المعروف في الولاية ويقف (برج الرحبة) شامخا فيها. وحارة السوق: تميزت بطابعها الجميل وتضم عددا من المباني القديمة الجميلة.
ارتبط تاريخ أدم بعدد من الأئمة والعلماء والفقهاء والسياسيين، على رأسهم: الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (1156-1198هـ/1744-1783م)، وسالم بن عبد الله بن خلف البوسعيدي (ق: 12هـ/ 18م)، وسليمان بن مبارك بن علي البوسعيدي (ق: 12هـ/ 18م)، والشيخ الفقيه درويش بن جمعة المحروقي (ت: 1086هـ/ 1676م)، ومحمد بن سيف الشيباني (ق12هـ/ 18م)، وعلي بن محمد بن علي بن محمد المنذري (ت: 1343هـ/ 1925م).
بالرغم من بعض العبارات الحادة التي استخدمتها السيدة سالمة في وصف زوجة أبيها السلطان سعيد، وربما بعضها لا يعدو كونه انطباع شخصي إلا أن ذلك الوصف يقدم بما لا يدع مجالاً للشك عن السلطة والمكانة المهيبة التي تمتعت بها السيدة عزة بنت سيف البوسعيدية كزوجة لأهم وأبرز سلاطين الأسرة البوسعيدية والذي أرسى الكثير من التقاليد كسلطان حاكم وكزعيم للأسرة البوسعيدية.