كثيرٌ مِنَ العَلاقاتِ البَشريّةِ تُبنَى على حَالةٍ مِنَ الاستحواذِ والسَّيْطَرَةِ، يشعُرُ فيها الشخصُ كأنَّهُ مَملوكٌ من الطرَفِ الآخَرِ، يمنحُهُ الحَياةَ ويمنعُهُ الحُرِّيةَ. تمامًا كالكواكبِ التي تدورُ في فَلَكِ الشَّمسِ، إذا خَرجَتْ مِنْ مَدارِها تأفُلُ. فيستحوِذُ عليْهِ ويُقنعُهُ أن لا أحدَ في العَالَمِ سيمنحُهُ الأمانَ والعَطاءَ عَداه..

ماذا لو كُنتَ على عَلاقةٍ مع شخصٍ على استعدادٍ أنْ يبيعَ كُلَّ ما يملِكُ، ويُضحِّيَ بِكُلِّ عزيزٍ وغالٍ، ويَفْعلَ أيَّ سُلوكٍ مُشينٍ مُقابِلَ الحُصولِ على جُرعَةِ إدْمانِهِ مِنَ الكُحولِّ أوِ المُخدِّراتِ؟

الشَّكُّ.. إحْدَى أَسْوَأِ الصِّفاتِ الَّتي قَدْ يَتَّصِفُ بِها الشَّخْصُ، ويُعَدُّ مَرضًا نَفسيًّا يُمْكِنُ أنْ يُصيبَ كثيرًا مِنَ الأشْخاصِ مِنْ مُختَلَفِ الأعْمَارِ، ولكِنَّ تأثيرَهُ السَّلْبيَّ كَبيرٌ على الحَياةِ الاجتماعيةِ، لأنَّهُ يَقتُلُ الحُبَّ والعَاطِفةَ

الحبل السري للجنين والأم علاقة مبنية على ارتباط حيوي وثيق، مكتفيين ببعضهما، لا أطراف بشرية أخرى تشاركهما هذه العلاقة. يذكرنا هذا المعنى بواحدة من أخطر العلاقات العاطفية بين البالغين، طرفان حكما على نفسيهما بالعزلة والعيش في حويصلة أبدية! هذه العلاقة وإن بدت مثالية فهي مرهقة بشدة.

هُناكَ كَثيرٌ مِنَ العَلاقاتِ الإنسانيَّةِ الَّتي تُشعرُكَ بِالوَحْدَةِ والفَرْدِيَّةِ، لَيسَ بِسببِ بُعدِ المَسافاتِ أوْ تَبايُنِ الأفْكارِ أو اختلافِ الأعْمارِ، وإنَّمَا بِسَبَبِ الانْطِوائيَّةِ المُميتَةِ مِنَ الطَّرفِ الثَّانِي.

#قصة تُروى.. رائد الأعمال سلمان السحيباني، مؤسس منصة #مرني أكبر أسطول مساعدة على الطرقات في الشرق الأوسط تحاوره مرام العطاس

بِيرسُونا.. نبحَثُ في أغوارِ النفسِ، لِنُعيدَ اكتشافَ مَن حَولَنا بِرؤيةٍ مُختلِفَةٍ. اليوم مع الشخصية المستغلة، فالاستِغلالُ.. هُوَ أصلُ العَلاقاتِ المُؤذيةِ، فهوَ يستنزفُكَ عاطفيًّا وجسديًّا ومادِّيًّا بِدوافِعَ مُختَلِفَةٍ.. ويُؤْسِفُنَا القَولُ إنَّهُ أمْرٌ شَائِعٌ جِدًّا في مُختَلَفِ الأَوْسَاطِ

الشَّخْصُ المُصابُ بِالشَّخصيَّةِ الهيستيريَّةِ.. على الرَّغْمِ مِنْ أنَّهُ يعيشُ حياةً حافلةً ومُفعَمةً بالحيويَّةِ ولديْهِ انفتاحٌ كبيرٌ على الآخرينَ، فإنَّ سُلوكَهُ مُنهِكٌ لِمَنْ يُحبُّهُ. فهوَ يبحثُ عنِ الاهتمامِ الشَّديدِ، ولديْهِ حَاجةٌ مُلِحَّةٌ إلى الحُصولِ على القَبولِ مِنَ الآخَرِينَ، حتَّى إذا وصَلَ الأمرُ إلى التَّلاعُبِ والمُغازَلَةِ غَيرِ اللَّائِقَةِ فَقَطْ لِشَدِّ الانْتِبَاهِ

هَلْ وَجَدْتَ نَفْسَكَ يَوْمًا عُرضَةً لِلْمُعَامَلَةِ القَاسِيَةِ أَوِ التَّنَمُّرِ بَيْنَ أَقَارِبِكَ أَوْ في مَكَانِ عَمَلِكَ أو حَتَّى بَينَ أَصْدِقَائِكَ؟ أَنْتَ لَسْتَ وَحْدَكَ…! إنْ بَحثْتَ في العَلاقَاتِ الإنْسَانيَّةِ بَيْنَ المَجْمُوعَاتِ سَتُلاحِظُ هَذِهِ الظَّاهِرَةَ الغَريبَةَ والشَّائِعَةَ، فَغالبًا مَا يُعانِيها أحدُهُم دُونَ تَخطيطٍ مُسْبَقٍ مِنَ الأَطْرَافِ، وَهِيَ تُسمَّى كَبشَ الفِدَاءِ أوْ مَا يُعرَفُ بـ "Scapegoat".

شِئْتَ أمْ أَبيْتَ.. كُلُّ شَخْصٍ قَابَلْتَهُ في حَياتِكَ تَرَكَ بَصْمَةً فِي عَقْلِكَ اللَّاواعِي.. فَالعَلاقَاتُ الإنسانيَّةُ مِنْ أَصْعَبِ الأُمورِ فَهمًا وتَعْقيدًا.. بَلْ قَدْ تَكونُ الأخْطَرَ عَلاقَاتٌ تُضيئُكَ وَأُخرَى تُطفِئُكَ.. عَلاقَاتٌ تَرْفَعُكَ وَأُخْرَى تَدفِنُكَ.. عَلاقَاتٌ تُصلِحُكَ وأُخرَى تُدمِّرُكَ.. عَلاقاتٌ تَفتحُ لَكَ أبْوَابَ البَهْجَةِ والسُّرورِ.. وأُخرَى تَفتَحُ عَليْكَ أبوابَ التَّعَاسَةِ والأَلَمِ..

كانَتِ المُعالِجَةُ النَّفْسِيَّةُ والمؤلِّفَةُ الدُّكتورةُ "سوزان فوروارد" رائِدَةً في مَجالِ الابتزازِ العَاطفيِّ، وحَاوَلَتْ مِنْ خِلالِ كِتابِها الصَّادِرِ عَامَ 1997، وعنوانُه "الابتزازُ العاطفيُّ: عِندما يَستَخْدِمُ النَّاسُ في حَياتِكَ الخَوْفَ والإلْزَامَ والشُّعورَ بالذَّنْبِ للتلاعُبِ بِكَ"، شَرْحَ تَعريفِ الابتزازِ العاطفيِّ وأنْواعِهِ وطُرِقِ التَّغلُّبِ عَليْهِ. ويُعرَفُ بأنَّهُ طَريقةٌ يُوظِّفُ بها شَخْصٌ مَا مَشاعِرَكَ بِوصْفِها طَريقةً للتحكُّمِ في سُلوكِكَ أوْ إقناعِكَ بِرؤيةِ الأشياءِ بطريقتِهِ. حينما تَتَعامَلُ مَعَ شَخْصٍ يُشْعِرُكَ دَائمًا بَالذَّنْبِ والتَّقْصِيرِ فِي حَقِّهِ ويَجْعَلُكَ تحتاجُ دائمًا إلى تبريرِ سُلوكِكَ تِجاهَهُ. حِينما يَستَخْدِمُ شَخْصٌ قريبٌ مِنْكَ مَشاعِرَكَ تِجاهه للسَّيْطَرَةِ عَليْكَ أوْ تَحقيقِ احتياجاتِهِ المَادِّيَّةِ أوِ المَعْنَويَّةِ مِنْ خِلالِكَ، سَتَعْرِفُ وَقْتَها أنَّكَ وَقَعْتَ فَريسةً للابتزازِ العاطفيِّ!

أثارَتِ النَّتيجةُ جدلًا أخلاقيًّا واسعًا، صَارَ مُوثَّقًا في جميعِ مَراجِعِ علمِ النَّفْسِ الاجتماعيِّ حتَّى الآنَ، ألا وهُوَ: «السُّلطةُ المُطلقةُ قَدْ تُخرِجُ أسوَأَ ما في النَّفسِ البَشريةِ»

بودكاست بيرسونا: الفضفضة في الواقع الافتراضي - الحلقة 12 by مجلة الرجل

يعتقِدُ البَعْضُ أنَّ الفَشَلَ حجرَ عثرةٍ في الطَّريقِ يُجبرُنا على العودَةِ للخَلْفِ، هذا الاعتقادُ خاطئٌ تمامًا، لأنَّ الفشلَ ليسَ عائِقًا بلْ مَمرٌّ يعبرُهُ المثابرونَ إلى النَّجاحِ. مُعظَمُ الأفكارِ العظيمةِ بدأَتْ مِنَ الفَشلِ، ورُبَّما كانَ سببًا في تغييرِ المسارِ لنتيجةٍ أفضلَ.

الغيرةُ مِنَ الغَرائِزِ الإنسانيةِ الرَّاسخةِ في النَّفسِ البشريةِ، تتجلَّى لأسبابٍ كثيرةٍ في الأُسرةِ وسَاحاتِ العَملِ والأنشطةِ الرياضيةِ والساحاتِ الفنيةِ، وهذا ينسَحِبُ على كُلِّ نشاطٍ فيه احتكاكٌ ومقارناتٌ بينَ شَخصينِ أو أكثَرَ. قَدْ تَأتي بِمُخْتَلَفِ الأَشْكَالِ والألوانِ، وبينَ أيِّ شَخصيْنِ تَجمعْهُما عَلاقةٌ مِنْ أيِّ نَوعٍ كانَ.

هَلِ الشَّخْصُ الناجِحُ لا يَحِقُّ لَهُ أنْ يَكونَ مُعقَّدًا نَفسيًّا؟ هل يُوجَدُ إنسانٌ سويٌ بلا عُقدةٍ نفسيةٍ واحدةٍ؟

كان هناكَ شابٌّ سٌعوديٌّ يٌعاني منَ الخَجَلِ، وفي لقاءٍ تعارُفيٍّ بينَ طُلَّابِ الجامعةِ قدَّمَ كلُّ طالبٍ نفسَهُ ومَجالَ دِراستِه، عندَما جاءَ دورُ الشابِّ اتَّجَهَتْ إِلَيْهِ الأبصارُ، ارتبكَ وقالَ مِنْ شِدَّةِ خَجَلِهِ: عادل آدابُ كليَّةِ المَكِينزي! ما أثارَ ضَحِكَ الزُّمَلاءِ مِنْ حَوْلِهِ. ومِنْ هَذهِ اللَّحْظةِ عَزَمَ على كَسرِ هذا الحاجِزِ ومُواجهَةِ خَجَلِهِ الاجتماعيِّ، إلى أن أصبَحَ الدكتورَ الجامعيَّ عادلَ المكينزي بجامعةِ المَلِكِ سعود!

في الثامِنِ مِنْ ديسمبر 1980، حدثَتْ واقِعةُ اغتيالِ أسطورةِ فرقةِ البيتلز جون لينون عندما كانَ عائدًا إلى منزلِهِ في نيويورك. اُغتِيلَ مِنْ قِبَلِ مارك ديفيد شابمان مِنْ خِلالِ إطلاقِ النارِ عليْهِ مِنْ مسدَّسٍ في ظَهْرِه. وصرَّحَ القاتِلُ أنَّهُ قَتَلَ جون لينون، لشدَّةِ إعجابِهِ بِهِ وبفرقَةِ البيتلز! كانَ يظنُّ أنَّ قَتْلَ شَخصٍ مشهورٍ، سيَجعلُهُ ذا شَأنٍ، لكنْ بَدَلاً مِنْ ذَلِكَ جَعَلَهُ قاتِلاً!

غارينشِيا أشهرُ جناحٍ أيمنَ في تاريخِ كُرةِ القدَمِ، وأسطورةُ نادي بوتافوغو والملعبِ الوطنيِّ. على الرَّغمِ مِن شُهرتِهِ العالميّةِ، لكنَّ خياراتِهِ في الحياةِ طَوَتْ صفحتَهُ وسْطَ صفحاتِ التَّاريخِ المنسيةِ، أدمنَ الكحولَّ والذَّهابَ إلى الملاهي الليليّةِ، وانفصلَ عَنْ أسرتِهِ، ثُمَّ أُصيبَ بِمرَضٍ صدريٍّ وخضعَ لعمليةٍ جراحيّةٍ أنْهَتْ أُسطورتَهُ العِملاقَةَ. سيناريو العُزلةِ يخْشاه المشاهيرُ. القلقُ مِنَ الهُبوطِ مِنَ القِمّةِ هاجسٌ يُراودُهم دومًا، لأنَّ السيناريوهاتِ الّتي رَأَوْهْا لِمَنْ سَبقوهُم تَدفعُهم للتساؤلِ.. لِماذا ذَهَبَ السّحْرُ الخَاصُّ.. لِماذا انحسرَتْ عنهم الشُّهرةُ؟

عندما أدركَ أنَّهُ كانَ انعكاسًا فقط، شعُرَ باليأسِ مِنْ أنَّ حُبَّه لا يُمكِنُ أنْ يتجسَّدَ فأسقَطَ نفسَهُ عَمْدًا في المَاءِ.. وماتَ غريقًا. تحوَّلَتْ روحُه إلى نباتِ نرجِس بجوارِ البُحيْرَةِ، واستُخدِمَ اسمُه رمزًا للغُرورِ والجَمالِ والأنانيّةِ والفخْرِ.