على مر العصور، أثارت الهندسة المعمارية للمصريين القدماء إعجاب وتقدير العالم بأسره. فقد تمكنوا من تحقيق إنجازات مذهلة في مجال البناء، معتمدين على تقنيات مبتكرة ورؤى هندسية متقدمة. إن التحدي الذي واجهوه في بناء الأهرامات، مثل هرم خوفو، كان هائلاً. تخيل معي الجهود الجبارة التي بذلت في نقل وترتيب الأحجار الضخمة بدقة متناهية، لتشكل هذه البنى العملاقة التي ما زالت تصمد أمام الزمن حتى اليوم. هذه الإنجازات تنتمي إلى عصر الأسرة الرابعة في المملكة القديمة (حوالي 2613-2494 قبل الميلاد).لكن الأهرامات ليست سوى جزء صغير من إبداع المصريين القدماء. معابدهم الضخمة، مثل معبد الكرنك ومعبد الأقصر، كانت تشهد على تفانيهم في الديانة والفنون. العبقرية الهندسية للمصريين القدماء لم تتوقف عند هذا الحد. فقد ابتكروا تقنيات بناء متقدمة، مثل النقل العملاق للأحجار باستخدام الزلاجات والمياه لتسهيل حركة الأحجار الضخمة. المهندسون المعماريون، مثل إمحوتب، الذي يعتبر أول مهندس معماري معروف في التاريخ، قاموا بتطوير هياكل مبتكرة مثل هرم زوسر المدرج، الذي يُعد أول بناء حجري ضخم في العالم. هذا الإنجاز يعود إلى عصر الأسرة الثالثة في المملكة القديمة (حوالي 2670-2613 قبل الميلاد). بجانب إمحوتب، هناك أيضًا سنفرو، مؤسس الأسرة الرابعة، ا. سنفرو قام ببناء ثلاثة أهرامات عظيمة في دهشور والجيزة، منها الهرم المنحني والهرم الأحمر، وهما من أعظم الأمثلة على الابتكار الهندسي في عصره.وأيضاً دور حم إيونو، الذي كان أحد أمراء الأسرة الرابعة في مصر القديمة. حم إيونو كان المهندس المعماري الرئيسي للهرم الأكبر في الجيزة، والذي بني في عهد الفرعون خوفو. كان حم إيونو مسؤولاً عن تصميم وتنفيذ هذا المشروع الضخم، والذي يُعد أحد أعظم الإنجازات الهندسية في التاريخ .ولا يمكننا أن ننسى الملك رمسيس الثاني وهو أحد أشهر الملوك الذين حكموا مصر في العهد القديم. إذ استمرت فترة حكمه نحو ٦٧ عاما، في الفترة من ١٢٧٩ إلى ١٢١٣ قبل الميلاد.ومن أبرز إنجازاته توقيع أول معاهدة سلام موثقة في التاريخ مع الحيثيين بعد معركة قادش.وخلال فترة حكمه، قاد رمسيس الثاني عدة حملات عسكرية إلى بلاد الشام وبني عددا ضخما من المعابد والتماثيل، أشهرها معبد أبو سمبل في محافظة أسوان، جنوبي البلاد. كما بني الفرعون المصري عددا كبيرا من المسلات، من أشهرها مسلتان تزين إحداهما واجهة معبد الأقصر، بينما تنتصب الثانية في ميدان الكونكورد في وسط باريس.ويعتبر معبد أبو سمبل أحد أهم المواقع الأثرية في مصر، ويعود تاريخ بناء المعبد إلى عهد الملك رمسيس الثاني في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وقد شيد المعبد على الضفة الغربية لنهر النيل في النوبة العليا وتم تصميم المعبد بواسطة مجموعة من المعماريين الموهوبين والمحترفين الذين عملوا على تنفيذ رؤية الملك رمسيس الثاني. المسلات العملاقة التي بناها المصريون القدماء كانت رموزًا دينية قوية، وتمكنت من نقلها من المحاجر إلى مواقع البناء باستخدام تقنيات مذهلة. هذه المسلات كانت تزين المعابد والمواقع المقدسة، وبلغت أوجها في عصر الأسرة الثامنة عشرة والدولة الحديثة.تطورت الهندسة في مصر بشكل كبير عبر العصور، بدءًا من الحضارة المصرية القديمة وصولاً إلى الحاضر. في العصور القديمة، كانت الهندسة تعتمد بشكل كبير على التقنيات التقليدية والمواد المحلية مثل الطوب الطيني والأحجار. ومن أبرز الأمثلة على هذا التأثير، جامع الأزهر وجامع السلطان حسن في القاهرة، بالإضافة إلى مسجد الأقمر الذي يُعد من أقدم المساجد في القاهرة الإسلامية، وقصر العيني الذي يُعد أقدم كلية للطب في مصر والشرق الأوسط، والذي أُسس في العصر الفاطمي.مع بداية العصور الحديثة، بدأت مصر في التفاعل مع التكنولوجيا والهندسة الغربية. شهدت مصر تطورًا كبيرًا في مجال الهندسة المدنية والهندسة المعمارية، وتم بناء العديد من المشاريع الضخمة مثل قناة السويس، التي تعتبر من أعظم الإنجازات الهندسية في القرن التاسع عشر. تم افتتاحها رسميًا في 17 نوفمبر 1869، وربطت بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مما أحدث ثورة في التجارة العالمية.ومن أبرز الأمثلة على هذا التطور الحديث هو مشروع الجلالة في خليج السويس، الذي يشمل مجمعًا سياحيًا ضخمًا ومدينة جبلية متكاملة تستخدم أحدث التقنيات الهندسية والمعمارية.بالإضافة إلى ذلك، يشارك المصريون في تطوير مشاريع معمارية فريدة تستفيد من التكنولوجيا الحديثة وتعزز الحفاظ على التراث التاريخي. مثلاً، مشروع المتحف المصري الكبير (GEM) في الجيزة، والذي يُعتبر أكبر متحف أثري في العالم. ومن الإنجازات المعمارية الحديثة أيضًا، تطوير البنية التحتية للنقل في مصر، مثل مشروع مترو الأنفاق الجديد الذي يربط بين المدن والمناطق الحيوية.