صباح الخير أو مساء الخير على حسب انتوا بتسمعونى امتى أنا نهى نصار ودى حلقة جديدة من سلسلة حلقات NOHA Podcast. الموسم العاشر وال هكون معاكم فيها كل يوم خميس، وكل حلقة هتكون عن إنجازات وابتكارات المصريين القدماء. ودلوقتي هنتكلم عن الألوان والصباغة عند المصريين القدماء: فن الحياة والتعبير، كان استخدامهم المتقدم للألوان يعكس رؤيتهم للحياة والروحانية، وكان له تأثير عظيم في الفنون والهندسة وحتى الطقوس الدينية. المصريون القدماء كانوا خبراء في استخدام الألوان، ليس فقط لأغراض الزينة، ولكن أيضًا كوسيلة للتعبير عن معاني عميقة. بدأت عملية استخدام الألوان وتطوير الأصباغ منذ *عصر الدولة القديمة* (2686-2181 قبل الميلاد)، حيث نجد ألوانًا زاهية على جدران مقابر الأهرامات، وكانت ترمز إلى مفاهيم دينية واجتماعية. خلال *عصر الدولة الوسطى* (2055-1650 قبل الميلاد)، تطورت تقنية صناعة الأصباغ، وأصبح المصريون أكثر دقة في إنتاج درجات اللون الأحمر والأزرق باستخدام المعادن والطين. أما في *عصر الدولة الحديثة* (1550-1070 قبل الميلاد)، فقد شهد استخدام واسع للألوان في المعابد والتماثيل، حيث استخدمت درجات الأزرق المصري والأخضر المستخرج من المالاكيت في زخرفة الأعمدة والمنحوتات، مما يعكس تقدمهم في كيمياء الألوان. ومثال على روعة الألوان المصرية القديمة، *معبد دندرة*، الذي يقع في محافظة قنا ويرجع تاريخه إلى العصر البطلمي (حوالي القرن الأول قبل الميلاد). يعد هذا المعبد من أفضل المعابد التي حافظت على ألوانها الزاهية، حيث تظهر الزخارف والنقوش الداخلية بوضوح شديد، وتعكس الدقة المذهلة التي استخدمها المصريون في تلوين جدران المعابد بأصباغ طبيعية مستخرجة من المعادن والنباتات. سقف المعبد، الذي يصور الآلهة والنجوم، لا يزال يحتفظ بألوانه الحيوية التي تجعلنا نشعر وكأننا نشاهد لوحة فنية متكاملة من الحضارة القديمة. كانت لديهم تقنية متقدمة في استخراج الأصباغ الطبيعية من المعادن والنباتات، مثل *الأزرق المصري* الذي كان يُصنع من السيليكا وكربونات النحاس، ليعبر عن السماء والنيل والحياة الأبدية. كان الأحمر المستخرج من أكسيد الحديد يرمز للقوة والنشاط، بينما عكس اللون الأصفر ارتباطًا بالشمس ، مما جعله شائعًا في تزيين المعابد. لم يكن اختيار الألوان عشوائيًا، بل كان يتم وفق معايير دقيقة، إذ نجد أن النقوش الجدارية في المقابر تستخدم ألوانًا ترمز إلى حياة الميت في العالم الآخر. حتى الملابس والأقمشة كانت تُصبغ بطرق معقدة، حيث استخدم المصريون نبات النيلة لصبغ الأقمشة باللون الأزرق، كما استخدموا مسحوق المرجان لصنع درجات الأحمر القوي. وكانت الألوان تُستخدم أيضًا في الصناعات اليدوية، مثل صناعة الفخار المزخرف، وكيف انتقلت هذه المعرفة إلى الحضارات الأخرى مثل الإغريق والرومان. وتستلهم التصميمات الحديثة التقنيات القديمة للصباغة، وما الذي يمكننا تعلمه من هذه الابتكارات في صناعة الأزياء اليوم. ولا تزال تقنيات الصباغة المصرية القديمة تُلهم العالم الحديث. في مجال الفن، نجد أن فناني اليوم يستخدمون أساليب مشابهة لتلك التي طورها المصريون القدماء لإنتاج ألوان مستدامة وصديقة للبيئة. في صناعة الملابس، يتم الاستفادة من تقنيات المصريين في استخدام الأصباغ الطبيعية في صناعة الأقمشة الملونة، وهو ما نراه في تصاميم الملابس المستدامة اليوم. كذلك، هناك اهتمام عالمي بدراسة تركيبات الأصباغ المصرية القديمة لفهم تأثيراتها الكيميائية، حيث يجري علماء المواد في الجامعات الكبرى مثل *جامعة كامبريدج* و*جامعة أستراليا الغربية* دراسات على عينات الألوان الفرعونية لمعرفة كيف استطاعت هذه الأصباغ أن تبقى زاهية حتى بعد آلاف السنين. كما أن بعض شركات التكنولوجيا الحديثة تستلهم من التقنيات المصرية القديمة لتطوير ألوان غير قابلة للبهتان تُستخدم في صناعة الطباعة والدهانات الحديثة. تقديم و تصميم وإعداد و مونتاج و إخراج نهى نصار شكراً لحسن إستماعكم### *المصادر :- كتاب الهندسة في مصر القديمة للمؤرخ ثيوفيل أوبينجا، الذي يناقش تطبيقات الهندسة والصباغة في الحضارة المصرية القديمة. - موسوعة مصر القديمة، التي تتناول العلوم والفنون المصرية القديمة وتأثيرها على العالم الحديث. - دراسة حديثة نشرتها *جامعة أستراليا الغربية* حول استخدام المصريين القدماء للأصباغ الطبيعية وتقنيات الصباغة المتقدمة. - أبحاث *جامعة كامبريدج* عن تحليل تركيبات الألوان المستخدمة في المقابر الفرعونية ومعابد الدولة الحديثة. - معبد دندرة: دراسة صادرة عن *المجلس الأعلى للآثار المصرية* حول تحليل الألوان المستخدمة في الزخارف الجدارية.