
انضم الي قناتنا علي التيليجرام
https://t.me/+bpnJrU3MRAtiODdk
نص الحلقة
مرحبًا بكم مستمعي بودكاست "سرديات منسية"، أنا مضيفكم عمر الكاتب.
في حلقة اليوم، سأصحبكم في رحلة شيقة عبر كتاب "تلمود العرب أو تلمود بني إسماعيل"، الذي يكشف حقائق مثيرة ظلت مخفية وراء ستار ما يسمى بـ "التاريخ المقدس"، والذي أمضيت 19 عامًا في البحث والتنقيب لتأليفه.
صحيح أن العديد من الباحثين تناولوا التراث الإسلامي بالدراسة من قبل، وأضافوا بعض المعارف الجديدة، لكن ظلت هناك الكثير من الإشكاليات العالقة دون إجابات شافية. والسبب أن أصحاب هذا التراث يصرون على حجب حقائق جوهرية عن واقع جزيرة العرب السياسي والاجتماعي والثقافي قبل ظهور الإسلام وأثناءه، لأن الكشف عن تلك الحقائق سوف يقوض تمامًا الرواية التقليدية التي يتبنونها.
لذلك قررت اتباع منهج مختلف في كتابي، يقوم على إعادة التراث الإسلامي إلى سياقه التاريخي الحقيقي، بعيدًا عن الأساطير والأوهام والتزوير، ويسعى لتحديد أطراف الصراع الرئيسيين وأهدافهم ودوافعهم الحقيقية، حتى يتسنى لنا تحليل النصوص المؤسِسة بعمق وموضوعية، وفهم مغزاها ومراميها، والإجابة عن عشرات الأسئلة الصعبة التي ظلت بلا ردود منطقية.
ومن أول الأمور التي تلفت الانتباه، خلو القرآن تمامًا من أي دعوة صريحة للعرب لاعتناق الإسلام، في حين نجده يركز بشكل لافت على بني إسرائيل ويخاطبهم، رغم أن ثقافتهم اليهودية تناقض جذريًا ثقافة ومعتقدات عرب شمال الجزيرة، الذين استسلموا لمحمد في النهاية خوفًا وقهرًا لا إيمانًا وقناعةً.
وبالعودة إلى كتب السيرة والتاريخ، نعثر - رغم قلتها وتشويهها - على شواهد نادرة تلقي الضوء على حقائق شديدة الأهمية، مثل الدور المحوري الذي لعبته مملكة حمير اليهودية في اليمن، ونفوذها الواسع على شبه الجزيرة العربية قاطبة، ومعاداتها الشرسة للمسيحية التي كانت الإمبراطورية البيزنطية تحاول نشرها آنذاك، مما أدى إلى صراع ساخن بين ثلاثة أطراف: الفرس، والروم، ومملكة يهود اليمن.
وقد أفرز هذا الصراع المحتدم أوضاعًا جديدة، هيأت الفرصة لإعادة إحياء المشروع الذي خطط له الملك اليهودي يوسف ذو نواس من قبل، وهو الاستيلاء على شمال شبه الجزيرة العربية وضمه لمملكته، لكن مخططه تعثر بسبب التدخل العسكري للأحباش المسيحيين ضده.
والكثير من القرائن والأدلة تؤكد أن الثقافة والأفكار التي جاء بها محمد في دعوته، ليست وليدة بيئته المكية المحلية، بل هي في الواقع موروثة عن ظروف تاريخية وحضارية سابقة، نشأت في جنوب شبه الجزيرة، ثم امتدت تأثيراتها شمالاً، وهي تتطابق بدرجة كبيرة مع الثقافة اليهودية المعاصرة، وعلى الأخص مع التوراة الشفوية أو التلمود. غير أن المصادر الإسلامية التقليدية تعمدت طمس هذه الحقائق وتشويه معالمها.
والأغرب من ذلك أن نصوص القرآن نفسه تقول بصريح العبارة: إنها لم تنزل لهداية العرب الوثنيين الذين نعتتهم بالمشركين ضلالاً وفسقًا وكفرًا وظلمًا، مؤكدة أن الله لن يهديهم، بينما تعلن أنها جاءت لتبين لبني إسرائيل ما اختلفوا فيه، وتحيل الناس إلى "أهل الذِّكر" ليستفسروا منهم عما يجهلون. وهذا يثير تساؤلات عميقة حول مفهوم التوراة والكتاب واليهود في القرآن، وطبيعة العلاقة بين محمد وقريش ويثرب، وماهية الأوس والخزرج ودورهم، وسر تضارب النصوص بهذا الشكل.
كل هذه القضايا الجوهرية وغيرها، لم تنل حظها من الدراسة الجادة حتى اليوم. وأنا أسعى في كتابي للإجابة عليها بكل موضوعية وحياد، مهما كانت الحقائق صادمة أو مؤلمة للبعض، بعد رحلة بحث وتنقيب دامت 19 عامًا، بهدف صياغة رؤية مستقبلية جديدة، ترتكز على أسس واقعية صلبة، بعيدًا عن خرافات التراث المقدسة التي يحظر الاقتراب منها أو مجرد التفكير في مساءلتها.
أشكركم جزيل الشكر على حسن استماعكم ومتابعتكم. لا تنسوا الاشتراك في قناتنا على تليجرام، ومشاركة الحلقة مع أصدقائكم، كي تعم الفائدة. ويسعدني تلقي أسئلتكم واقتراحاتكم على قنوات التواصل الخاصة بالبودكاست.
أترككم الآن في رعاية الله، على أمل أن نلتقي قريبًا في حلقة جديدة، حافلة بالكثير من الوقائع المثيرة والصادمة، التي ستلقي الضوء على جوانب مهمة وحاسمة من تاريخنا المنسي. إلى اللقاء.