
بعد ما عرفنا في الحلقة الي فاتت ان المملكة اليهودية بدأت في الظهور سنه ٣٧٥ ميلادية، وكان هدف ثورة الإصلاح الديني الرئيسي محاولة دمج الممالك الموحدة في حاله ثقافية واحدة للتغلب علي الاختلافات بين رعايا الممالك.
وان بداية الإصلاح الديني الحقيقية كانت في عهد ملك اسمة أبو كرب أسعد ابن الملك يكرب يوهنعم.
اكتشفت ثلاث نقوش في مدينة ظفار، عاصمة حمير، وفي بعض الأماكن الأخرى المتفرقة. وبها سنجد أن ظفار لم يكن بها جالية يهودية مع كنيس يهودي فقط. بل تبنت الحكومة الحميرية الشريعة اليهودية، واعتبر الملك نفسه جزءا من شعب إسرائيل.
من وجهة نظري كان هناك سببا وجيها لتبني الحكومة الحميرية للتوحيد اليهودي، وهو التأثر بالجاليات اليهودية التي كانت متواجدة في الشارع اليمني او الحميري بمعني اصح. تاريخيا هناك عدة ادلة علي وجود جاليات يهودية مستقرة في مملكة حمير، علي اقل تقدير كانوا موجودين في بداية القرن الثالث الميلادي.
وكانت تلك الجاليات ترسل موتاها ليتم دفنهم في المقبرة الشهيرة في بيت شارعيم في الجليل، بل وعلاوة علي ذلك كان هناك كنيس يهودي في ميناء مدينة قنيء الهامة.
هناك دليل تاريخي آخر علي تأثير الجالية اليهودية الديني النافذ حتى إلى الحكومة الحميرية.
يذكر الكاتب كريستيان روبين في كتابه يهود حمير، ان الامبراطور قسطنطينوس الثاني امبراطور روما، ارسل كاهن ومبشر مسيحي اسمه ثيوفيلوس.
سافر ثيوفيلوس كسفير من امبراطور روما لتحويل سكان حمير الي المسيحية، بيذكر الكاهن ان اليهود الي قابلهم في مملكة حمير يعدوا من اقدم الجاليات اليهودية المحلية،
وبالرجوع لكتابات المؤرخ فيلوسترغييوس عن وصفه لرحلة ثيوفيلوس ، هنلاقيه بيقول ان الاعتراض الوحيد للحاكم الحميري في ظفار علي اعتناق المسيحية كان مرجعه اليهود، اللي وصفهم بانهم مختلين عقليا ومتصلبي الرأي.
احنا هنا قدام رفض واضح من الملك الحميري باعتناق اليهودية، ولكن التحجج بالشارع اليهودي. في اعتقادي ليس السبب الحقيقي. لان الملك قبل ما يكون يهودي. فهو وحكومته كانوا مجموعه من الوثنين -زي ما عرفنا في الحلقه الي فاتت- ولذلك أرجح أنه كان هناك سبب آخر لا يعلمه إلا صاحبه.
في الجزئية دي تحديدا حابب نسترجع مع بعض نقطة مهمة، لما اتكلمنا عن يوليوس غاليوس وهجومة علي مملكة سبأ كان الهجوم العسكري هو البديل بعد فشل المفاوضات الدبلوماسية فيما بينهم من أجل تحويل ممرات التجارة. التحول الي حصل في طريقة تعاطي روما مع الموضوع انه بعد اعلان قسطنطين العظيم المسيحية كدين رسمي للامبراطوريه الرومانية، بدات روما في تنظيم حملات تبشيريه من اجل السيطرة علي مناطق نفوذها الي بتسعي للحفاظ عليها، عن طريق الحملات التبشيريه. النهج ده بدأه قسطنطين العظيم وهنا احنا بنشوف ان ابنه قسطنطين الثاني سار علي نفس النهج.
إذًا يتبين لنا من تلك الرويات، ان عبادة الاوثان توقفت، وان طبقة النخبة في المجتمع الحميري صارت تمقت ذلك، بل وأخذت تسعي الي دين يعبر عنها أكثر.
ذكرنا في الحلقة الماضية أيضا، التقسيمة الخاصة بالكتل الرئيسية والي بينضم اليها مجموعه من القبائل تحت كل كتلة من الكتل، وبعد ان اصبح الدين اليهودي له اليد العليا بعد ان تبعه العديد من حكام حمير، اثر ذلك بالتبيعية علي العديد من القبائل العربية، وكان علي رأس تلك القبائل قبيلة كندة القوية، وقبيله كندة كانت بمثابة وكيلا لخدمة مملكة حمير والموطن الأصلي الخاص بهم هو حضر موت. ولكن الجانب الهام في الحديث عن كندة ان سيطرتها امتدت الي وسط الجزيرة العربية ووصلت الي حدود ارض الغسساسنة والمناذرة.
في ادله تاريخية اخري سيتم اضافتها في جروب التيليجرام لمن أراد الاستزادة، ولكن هناك نقطة مهمة في هذا الجانب هي، أنه بالتزامن مع ضعف اليهود في منطقةفلسطين حاليا كانوا قد فقدوا كل امالهم في إعادة تأسيس كيان سياسي مستقل في مملكة يهوذا، وبعد اعلان المسيحية كدين رسمي للامبراطورية الرومانية وهو انتصار واضح للمسيحية، في تلك الفترة توقفت مؤسسة البطريكية اليهودية عن الوجود وألغيت المراسم اليهودية سنة ٤٢٩ بشكل رسمي ومنعت مزاولتها.