
لقد وقفنا في الحلقة السابقة عند المسؤولية الجماعية والفردية تجاه القرآن الكريم، وقد تبين أن لاحجة لأحد عن التنصل من تلك المسؤولية، في هذا الدرس نحاول أن نحدد الاتجاه الذي يحقق الاستجابة، ونطرح السؤال المحوري : ما هو أهم موضوع يناقشه القرآن الكريم؟ أو بصيغة أخرى : ما هو العلم القرآني الذي إن تركناه كانت عاقبة أمرنا خسرا؟ أو ماهو العلم الذي يرتبط القيام به بالنجاة من عذاب الآخرة؟
سنجد أن أهم موضوع هو ما يسميه القرآن الكريم "أمر الله" ، هو الرسالة التي يجب أن لا ننصرف عنها بالانشغال بمواضيع فرعية بالنسبة لهذا الأمر الأساس، هو الأمر الذي على أساسه سيحاسب الإنسان إن هو أهمله وتركه، تمامًا كما حاسب أهل الكتاب الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها.
لقد أُنزلت رسالة القرآن الكريم حاملة أوامر أساسية بصيغة متعالية، ولاشك أن تلك الصيغة لا تخلو من علوم شتى، ولكن لا يجدر بنا كمؤمنين بهذه الرسالة أن نلتفت للزيت الذي يوقد النار دون أن نستضيء به في ظلمات الطريق، أو أن ننشغل بتمجيده دون أن نصنع به المجد! فننشغل بوصف جمال البيت من خارجه دون أن ندخله ونعيش فيه، فنقضي أعمارنا في الحديث عن علوم القرآن الشتى دون أن نلتفت لمهمته العظمى أو نعي رسالته الكبرى التي تتفتح بها أبواب الجنان. للقرآن أوامر يجب النظر إليها والعمل بها، ويجدر بحملته أن يتعرفوا عليها ويتعلموها كي يحققوا مراد الله منهم قبل كل شيء.
نحاول أن ندرس هذه الحقيقة من خلال المقطع الأخير من سورة الطلاق، ثم نعاود النظر في الآيات الأول من السورة لفهم ذلك الأمر بصورة جلية.