
قد نتصور أن مسألة دراسة القرآن وتدبره مسألة مستحبة، يثاب من قام بها، ولا يعاقب من تخلف عنها، لكننا في الحقيقة حين نقترب من آيات الله التي تتحدث في هذا الموضوع بالتحديد، نجد ارتباط النجاة الأخروي بالإلتزام بما أنزل الله، تلك الآيات لا شك أنها تدعو لتفعيل المعرفة القرآنية وتصحيح الأفكار و الأفعال بناءًا على تعاليم القرآن وتوجيهاته وإلا فإن الإنسان سيواجه مصيرًا سيئًا يوم القيامة، الأمر الذي يجعل من دراسته متطلبًا أساسيًا.
في هذه السلسلة من الدروس وهي تحت عنوان ( تعاليم القرآن الكريم ) ننظر فيها كيف يوجهنا القرآن نحو دراسة تلك التعاليم الأساسية، و الرسالة الكبرى والتي هي الأولى بالتعلم والتطبيق، وعلى الرغم من أن هذا الكتاب باطنه عميقٌ لا يصل إلى كنهه إلا الخواص، إلا أنه بليغُ في حجته للعوام أيضًا، وما قامت تلك الحجة إلا لأن تلك الأوامر بيّنة واضحة قائمة على الجميع، وحتى يكون القرآن حجة لنا لا علينا كان لابد أن تتحول دراسة القرآن وتدبره إلى سلوك دائم لا ينقطع، إن الأوامر التي يعتني القرآن بأن يتوجه لها الجميع لا يمكن أن تكون للخواص، لأنها حجة الله على الخلق، وفي هذا المستوى يمكن أن يقال عن القرآن الكريم أنه بين واضح وحجته بالغة. في هذه السلسلة نحاول أن نجيب على هذا السؤال وكذلك الأسئلة المتعلقة به مثل: ماهو أهم علم يجب أن يتعلمه المؤمن؟ وماهي علاقة القرآن ببقية الكتب؟ وما هو المستوى الذي يجب أن يكون عليه الفرد المؤمن؟
في الدرس الأول وهو تحت عنوان " بلى قد جاءتك آياتي" نتحدث عن الأهمية التي يوليها القرآن لدراسة الكتب السماوية لفهم تعاليم السماء واستيعابها على سبيل نجاة، وحتى لا يبقى المؤمن بهذا الكتاب في صف الهمج الرعاع الذين ينعقون وراء كل ناعق، ولأن هذا العلم هو وسيلة النجاة فإننا سنرى ارتباطه بمصير الآخرة الذي هو المآل النهائي والفوز الأكبر الذي لا يعلو عليه فوز آخر.
ستكون هذه الدراسة في ثلاث مقاطع من الآيات المباركة، الأول من سورة الأنعام في الآيات من (155) إلى (157)، وهي الآيات التي تلت ذكر الوصايا العشر في هذه السورة المباركة، ثم ننتقل للحديث عن نفس المضمون في آيات أخر في سورة الزمر المباركة من آية (55) إلى (59)، ثم نختم بآية (47) من سورة الشورى وهي الآية الكريمة التي ابتدأت بقوله تعالى " استجيبوا لربكم ".